الشبهة الثانية: أنهم قالوا: يحسن أن نقول: اقتلوا المشركين إلا زيدا، ومن دخل الدار فأكرمه إلا الفاسق، ومن عصاني فعاقبه إلا المعتذر، فيصح الاستثناء، والاستثناء لاستخراج ما كان يدخل تحت اللفظ أولا، فلو لم يكن اللفظ الأول مستغرقا، لما حسن الاستثناء. وهذا الكلام ضعيف من أوجه:
أحدها- أن الاستثناء قد يؤتى به لذلك، وقد يؤتى به لقطع صلاحية الدخول، وقد يجيء الاستثناء من غير الجنس، فيمكن أن يكون الآتي بالاستثناء في هذه الصورة جيء به لقطع الصلاحية، لا لإخراج ما يتناوله اللفظ ولابد، بل لقطع الصلاحية خاصة. وإذا أمكن ذلك سقط الاستدلال.
الشبهة الثالثة: قولهم: إن تأكيد الشيء ينبغي أن يكون موافقا لمعناه، فلا يؤكد العموم إلا بالعموم، ولا الخصوص إلا بالخصوص، ويصح أن يقال: جاءني القوم كلهم، (وكل) للاستغراق، فليكن لفظ القوم كذلك. ويقال: اضرب القوم أجمعين، ولا يقال: اضرب القوم نفسه، واضرب زيدا نفسه، ولا يقال: اضرب زيدا أجمعين. قلنا: هذا الاستدلال باطل، [فإن] النزاع في [التوابع] المؤكدة، كالنزاع في المؤكد. ومن سلم أنه إذا قال: اضرب القوم