إلى قوله (إذ لو لم يكن كذلك، لكن الوعيد خلفا تعالى الله عنه). قال الشيخ: اختلف الناس، هل يصح العفو في الوعيد؟ فذهب أكثر المتكلمين إلى أن ذلك غير جائز، وأن اللفظ الذي دل على الوعيد، إما أن يكون نصا، وإما أن يكون ظاهرا، فإذا لم يعرف، تبينا التخصيص، والتخصيص: بيان لا رفع. فتبين أنه لم يكن في جملة ما اندرج تحت اللفظ. وإن كان نصا، فهو يدل على ما في النفس دلالة مقطوعة بها، وكلام النفس على وفق العلم، وإذا علم الله تعالى أنه يعاقب شخصا، فلا يتصور العفو عنه، لئلا ينقلب العلم جهلا، ويصير القول خلفا، والله تعالى متقدس عن الأمرين.
وذهب ذاهبون إلى أنه يجوز العفو في الوعيد، ولا يجوز المنع عند الوعد، ويقولون: إن أهل اللغة لا يعدون العفو من باب الخلف، وينشدون قول الشاعر:
[وإني وإن] أوعدته [أو] وعدته ... لمخلف إيعادي [ومنجز] موعدي