عندنا ممتنع، باعتبار الواقع لا المعقول. فإذا اشتبهت عاقبة الأمر على المطلوب منه، صح أن يكلف، كما فعل في حق إبراهيم - عليه السلام -، وقد سماه الله تعالى مبينا.

والمعتزلة بنت ما قررناه من أصولها، وزادوا وجها آخر، فقالوا: (36/أ) إذا كان الأمر بالشرط مشروطا بجهله، فليكن ذلك في حق الآمر، إذا هو الذي قام به الأمر، فالمؤثر فيه صفة، لا صفة غيره.

وقد قدمنا نحن من أصولنا ما [يحقق] وقوع التكليف بما لا يقدر المكلف عليه، وبينا ذلك بيانا شافيا، وحققنا أن العاصي غير قادر على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه مأمورا منهيا. ولكن لما أمكن تحريك الرغبات في الاعتياد، والصوارف بالنهي، صح التكليف. ويكتفي في حق المكلف بأن لا يعلم عجزه عن الفعل. فأما أن يشترط علمه بالإمكان وقت العمل فلا. وهذا هو الثابت في الشرائع، فإن أحدا من المكلفين لا يعلم وقوع الفعل الذي يكلف به قبل وقوعه في جريان العادة، بل يتحقق التكيف علما، وإن أمكن الاخترام قبل ذلك. وإن جاء الاخترام أو العجز أو النسخ، لم يتبين أنه لم يكن مأمورا، بل نقول: أمر ثم انقطع التكليف عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015