وأما المعتزلة، فهم متفقون على نفي كلام النفس، صائرون إلى [أن] الكلام هو العبارات، فلم يكونوا أن يقولوا: الأمر بالشيء نهي عن ضده.

فإن الألفاظ مختلفة لا مراء في اختلافها، فقالوا: إنه يقتضيه ويتضمنه، وليس يعنون بذلك إشعارا لغويا، وأمرا لفظيا فقط، فإنه لو كان كذلك، لأمكن أن يأمر بالشيء من لا ينهي عن ضده. ولكن القوم قد قالوا: الأمر: قول القائل لمن دونه: (افعل) مع إدارات. على حسب ما قدمناه من مذاهبهم.

ومريد الشيء عندهم لا بد أن يكون كارها لضده، فلزم أن يكون الآمر بالشيء ناهيا عن ضده، فيكون في اللفظ إشعار بصيغة أخرى، وفي الشرط تلازم باعتبار المعقول. هذا تفصيل مذهب القوم وتحصيله.

ولم يذكر الإمام مستند من قال: إن الأمر بالشيء نهي عن ضده، واقتصر في الرد عليهم على دعوى الضرورة، ونسبة القوم إلى مراغمة البديهة، وأن من خالفه سقطت مكالمته. وزعم أن هذا كاف. وكيف يرد على فحول النظار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015