وأما وجوب العزم فلا تحتمله بحال. والعجب من الإمام كيف وجه هذا الإلزام]؟ وكيف غفل عن هذا المستند؟
فإن قيل: أنتم قد منعتم أن يتلقى حكم شرعي من العقول، واعترفتم بتقاعد الصيغة عن الدلالة على وجوب العزم، ثم قضيتم بأنه واجب، وهذا تصريح يتلقى الأحكام من العقل. قلنا: نحن ننبه ههنا على دقيقة يتكرر الاحتياج إليها في الكتاب.
أعلم أن الذي منعناه: أن تستقل العقول بالأحكام، غير مفتقرة إلى ورود الشرائع، فأما إذا وردت الشرائع، ودلت الأدلة على طلب، وكان لا يتمكن تحصيله إلا بتعاطي غيره، والانكفاف عنه، فإنه قد ثبت وجوب الوسيلة أو تحريم المانع، فلا تكون العقول مستقلة بأصل الحكم، دون ورود الشرع، ولكن لما طلب أحد الأمرين، تلقينا منه الآخر. (52/أ)