الشيخ: هذا السؤال مشكل، لأن الوجوب يضاد الجواز. وإذا كان كذلك، فكيف يصح أن يقال: الفعل واجب، والترك جائز؟ ومعقول الجواز يقتضي التخيير بين الأمرين، ولا يعقل الجواز باعتبار جهة واحدة. فإذا قلنا بجواز الترك، فقد خيرناه بين الفعل والترك، مع ترجيحنا الفعل على الترك، فهذا متناقض. وقد أجيب عن هذا، فقيل: الذي يتناقض وجوب الفعل جواز الترك. وأما جواز التأخير، فلا يناقض. قالوا: والتأخير ليس هو الترك. واعترض عليه: بأن التأخير ترك على (51/ب) الحقيقة، فإن الترك: هو التلبس بضد الفعل، فيكون بذلك تاركا للضد الآخر. فإذا لم يحتم الإقدام، فقد جوز الترك في ذلك الزمان. ويؤكد هذا الإلزام أن يقال: هل الفعل واجب أول وقت الفهم والإمكان أم لا؟ فإن كان واجبا فيه، فقد [جو إخلاؤه] عنه، فهو مناقض. وإلى هذا المعنى يرجع الإشكال، وإن اختلفت الصيغ في الإلزام. والنقض عليهم- إن سلموه- لازم، وإن منعوه، أثبت بالبراهين السابقة.