له، وذلك أنه إنما احتاج الأصوليون إلى معرفة الأوضاع اللغوية، لتفهم الأحكام الشرعية، وإلا فلا حاجة بالأصولي إلى معرفة ما لا يتعلق بالأحكام من الألفاظ. وإذا كان كذلك، افتقر إلى تقديم أمر آخر، وهو أن الشرع، هل تصرف في اللغة أم لا؟ فإن ثبت عدم التصرف، اكتفى الأصولي بمعرفة وضع الشرع في الاسم، ولا يحتاج معه إلى معرفة اللغة في ذلك اللفظ. وإن عرف وضع اللغة، والتبس عليه، هل الشرع تصرف في الاسم أو لا؟ لم يجز له الحكم بوضع اللغة، حتى يستقر عنده وضع الشرع فيه، ولهذا إن الفقهاء أول ما يتكلمون على الألفاظ باعتبار وضع اللغة، لأنهم يرون تصرف الشرع في الأسماء، فترام يجنحون إلى الإجماع وغيره، وهم في ذلك على بصيرة، إذ عرف الشرع مكتفى به، مصار إليه. وعرف اللغة على هذا التقدير عند احتمال التغيير لا يفيد.

والذي نراه في هذه المسألة أن (افعل) عند الإطلاق يقتضي طلبا لا محالة، وذلك ثابت عند أئمة العربية أجمعين، فإنهم فرقوا بين باب الأمر وباب النهي، فقالوا: باب الأمر (افعل) وباب النهي (لا تفعل). لا يبدي أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015