وأما من ذهب إلى أنه للندب، فهو أقرب من جهة ما في الندب من الاقتضاء، ولكن يلزم منه أن يكون طلب جازم معقول، على حسب ما مر في كونه للإباحة، إلا أن ينبني الأمر على أن الندب طلب جازم. وهذا الذي يختاره القاضي. وسيأتي أيضا الكلام عليه.

ولكن مع هذا إذا جعل الندب، باعتبار خصوصيته، خرج الوجوب عن قسم الطلب، وليس الأمر كذلك. لا جرم أن عبد الجبار من هذه الإلزامات فر، وقال: الصيغة تدل على إرادة مطلقها الامتثال، فهذا مقتضاها فحسب. وهذا الكلام أيضا غير صحيح، فإن إرادة الامتثال ليس مدلول الصيغة، وإنما إرادة الامتثال شرط في كون اللفظ أمرا، فكيف يصح أن تكون مدلول اللفظ؟ ولو كان هذا مدلول الصيغة، لم يكن معنى إلا الإرادة من غير طلبن فيخرج الطلب عن حقيقته. ولا يلزم أن يقال: كل مراد مأمور به. وكل هذا إنما هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015