[أحدهما]- الاستقراء. والثاني- المعنى. وذلك أنا قد بينا أن عمل العامل لا يفارقه بحال. والأثر الذي تقبله الأسماء، لا تقبله الأفعال، والذي تقبله الأفعال، لا تقبله الأسماء، فلو علمت في الأسماء، لم يفارقها العمل عند الدخول على الأفعال، والمحل لا يقبل.
الوجه الثاني- أن الحروف اختص عملها بجهة واحدة، فحروف النصب لا تصلح لغيره، والجزم كذلك. وإنما يعمل العملين المختلفين الأفعال، لقوتها ك (كان) وأخواتها. وإنما خرج عن هذا، الحروف المشبهة بالأفعال (كإن) وأخواتها، ولكن [تلك] يمتنع دخولها على الأفعال بالكلية.
وأما ما يشبهها بالأفعال، فهي أبعد من تلك، [لأن] تلك أخذت شبه الأفعال لفظا ومعنى، و (ما) ليس [فيها] إلا شبه معنوي لفعل ضعيف. وقد قال سيبويه: ومذهب بني تميم هو القياس، ولكنا نختار مذهب الحجازيين لوجهين:
أحدهما- أن القرآن أفصح اللغات، وهو على ذلك، قال الله تعالى: {ما هذا بشرا}.
الثاني- أن الشبه الخاص مقدم على الشبه العام، وفي (ما) مشابهة عامة