تتبين حقيقته بالوقوف على أوصافه النفسية. وسلب أمر عن أمر لا يبينه بوجه، إذ نفي الضد ليس بصفة لضده نفسية، ولا معنوية. ولو تصور إنسان لا يعرف البياض مثلا، ولا تصوره، وعرف كل لون سواه، لم يكن نفي الألوان في حقه كافيا في تصور البياض. نعم، إن انضبط المطلوب في النفس مع معان سواه، وحصلت الإحاطة بالجميع، والتبست نسبة الاسم إلى معين منها، وعرف الإنسان اسم ما سواه، كان التقسيم في هذه الصورة يفيد في معرفة التسمية. وسيأتي لهذا مزيد تقرير في مسألة حد العلم، إن شاء الله.
وقد بينا أن الإحاطة بالمقصود لابد منها ليتأتى الطل اعتيادا. وأما تصور المطلوب في النفس، فشرط تصور الطلب عقلا. وأما تحصيل المواد، فقد يكون الاستمداد عقليا، وقد يكون عاديا، وسنتكلم على ذلك عند ذكر أصول الفقه.
قال: (والغرض من ذلك أن يكون الإقدام على تعلمه مع حظ من العلم). قد بينا توقف الطلب على تصور المطلوب. فإن قيل: فإذا علمه، فكيف يتصور الطلب مع حصول العلم؟ قلنا: علم الجملة لا يمنع من علم