وأما المصير إلى ترك الخاص لأجل العام من غير زيادة، فذلك باطل قطعًا. ومثاله: ما ذكره من قوله: "فيما سقت السماء العشر". وقد قدمنا أيضًا هذا المثال بعينه، وأوضحنا الوجه فيه، فلا معنى لإعادته.
وأما ما ذكره الشافعي ها هنا من الاحتجاج بموضع الوفاق، فيما يتعلق بزكاة النقدين، فكلام صحيح، فإن الصورتين على حد واحد. ومصير أبي حنيفة إلى تسليم أحدهما يوجب عليه تسليم الأخرى، إلا أن تنفصل إحدى المسألتين [عن] الأخرى بأمر، فحينئذ يندفع الإلزام.
والذي يظهر من مذهب أبي حنيفة) 142/ أ) أنه ذهب إلى أن الواجب فيما أنبتته الأرض، فلا يختص بقليل ولا كثير، ولا بمقتات ولا بغيره. ولذلك قضى بأنه لا يجتمع الخراج والزكاة. فلهذا فرق بين المسألتين، لا لأمر يرجع إلى اختلاف مفهومات الألفاظ. هذا هو المقصود من هذه المسألة وباقيها ظاهر.