والعجب من الإمام أنه حكم باستحالة التكليف بمثل هذا، ثم صار إلى تحقيق التكليف بالاعتقاد الصحيح، وهو لا يتصور علمه بحال. إلا أن يقول: له طريق ها هنا إلى الخروج عن الغرر، بأن يعلم، فيكون على تحقيق من الامتثال. وهذا ضعيف، فإنه يجري مثله فيما إذا أمره بعتق عبد معين عند الطالب، ولم يعينه للمخاطب، وهو ملتبس بعدد من العبيد، يمكن المأمور عتق الجميع، فإن ذلك لا يوجب كون المكلف [متمكنًا] لقصد المخاطب إليه.
وتمسكوا أيضًا بادعاء الإجماع على وجوب [معرفة الله سبحانه. هذه مستندات المتكلمين في وجوب] المعرفة، ومنع الاكتفاء بالاعتقاد. والصحيح عندنا خلاف ذلك. فإن الله تعالى لم يوجب على الخلق المعرفة، بل إما علمًا، وإما اعتقادًا صحيحًا. والمسألة سمعية لا عقلية.
والدليل على ذلك [ما نقل] على التواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الاكتفاء من عوام الخلق بالإقرار بالتوحيد، وتصديق [الرسل] من العدد الكثير في الزمن القريب، ومن [النسوان والصبيان، الذين لم يبلغوا الحلم، والإماء العبيد، ومن] ليس من أهل النظر بحال. ونحن من طريق الاعتقاد