ومن هذا القبيل: الحكم بتكرر اللزوم والوجوب، إذا تكررت أسبابها، كتكرر شهر رمضان، وأوقات الصلاة، ونفقات الأقارب عند تكرر الحاجات، إذ فهم انتصاب هذه المعاني أسبابًا، فهذه الأحكام من أدلة الشرع، إما بمجرد العموم عند القائلين به، أو بالعموم وجملة من القرائن عند الجميع، وتلك القرائن تكريرات وتأكيدات، وأمارات عرفت حملة الشريعة قصد الشارع إلى نصبها أساسًا، إذا لم يمنع مانع، فلولا دلالة الدليل على كونها أسبابًا، لم يجز استصحابها.
فإذًا الاستصحاب عبارة عن التمسك بدليل عقلي عند قوم، أو شرعي عند الجميع، وليس راجعًا إلى عدم العلم بالدليل، بل إلى دليل مع العلم بانتفاء المغير، أو مع ظن انتفاء المغير عند بذل الجهد في البحث والطلب.
والرابع: استصحاب حال الإجماع في محل الخلاف، وهو باطل. وصورته: المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة، فقال قائلون: يمضي على صلاته، لأن الإجماع منعقد على صحة الصلاة ودوامها، وطريان وجود الماء، كطريان هبوب الريح، وطلوع الفجر، وسائر الحوادث، فنحن نستصحب دوام