أحدهما- أنه لا يصح التحكم بنصب العلل، وقد قدمنا في ذلك قولًا بالغًا، ورددنا على الطاردين، وبينا الطرق التي تثبت بها علل الأصول، واستقر الرأي على أن الدليل الدال على [صحة] نصب الوصف علة، لا يختص بمحل دون محل، لما فُهم من الصحابة - رضي الله عنهم - في صرف النظر إلى المعاني المفهومة، دون الجمود على التعبد. وإذا ثبت ذلك، فقد يقام (113/ أ) الدليل على انتصاب المعنى المتعدي، وقد ينتصب على انتصاب المعنى القاصر. وهذا معلوم لا شك فيه.
الوجه الثاني- أن علل الشرع دواعي وبواعث على الأحكام، ويصح أن يكون الباعث مختصًّا بمورد النص، ويجوز أن يكون متعديًا عنه إلى غيره. وإن أخذت العلة من العلامة، وهو الذي تخيله مًن مًنع التعليل بالعلة القاصرة، فيقول: النص يغني عنها. فنقول: لا يمتنع أن ينصب على الحكم دليلان، إذ لا مناقضة في تعدد الأدلة بحال. فوجب من ذلك القضاء بصحة العلة، إذا دلت الأدلة على صحتها، ولا يقدح في ذلك اقتصارها وانحصارها على محل النص.