وللفقهاء نظر في الفرق بين التصرية وبين تسويد ثوب الغلام، فإنه لا يبعد أن يكون مصاحبًا لابن سيده في إصلاح اللوح والدواة والأقلام، فهذا أضعف في الدلالة على الكتابة، من كبر الضرع، والدلالة على غزارة اللبن. هذا تفاوت لاشك فيه، ولا يلزم من فسخ البيع بالتدليس بغزارة اللبن، لظهور أمره، وامتناع الفسخ بتسويد اليد والثوب، لضعف دلالته.
وأما قوله: إن المسألة الناقضة إذا كان يلوح فيها [معنًى]، هو أضعف من علة المعلل في الرتبة، والتفاوت بين الرتبتين لا ينتهض [دارئا] للنقض، فمقصوده به: أن النقض لم يلزم من جهة معارضة العلة بعلة من قبل الناقض، وإنما لزم من جهة قطعه طرد العلة، وقطع الطرد [محقق]، سواء كانت القاطعة معللة بمعنى قوي أو ضعيف، وأوجهٍ من التشبيه. هذا مختاره، وكان يلزم على مقتضاه، أن يكون ما لا يعقل معناه نقضا أيضًا، من جهة أنه قطع طرد العلة، ولكنه امتنع من ذلك، لزعمه أن ما لا يعلل مستثنى، والمستثنى لا ينقض أصلاً.
وقد تكلمنا على ذلك، وبينا أنه لا يلزم من عدم فهم المعنى الاستثناء،