واتفقوا على ما إذا زنى العاقل بمجنونة أنه يحد. فجعل [الإمامان] هذا أصلًا، [وقالا: ] الزنا سبب الرجم والجلد، وقد وجد في تمكين العاقلة مجنونا، فيجب أن تحد. وتعرضوا لإبطال كون أحدهما مانعا من الحد في حق العاقل، فهو أيضا تعرض لتخيل مانع ونفيه، فيقول أبو حنيفة: أقول بموجب ما قلتم في أن الجنون ليس درائا، وإنما الدارئ خروج فعلها عن كونه زنا.
وهذه العبارة فيها ضعف، والصحيح فيها أن الأمر يرجع إلى المنازعة في المقتضي، فيقول: لا أسلم وجود المقتضي، إذ المقتضي الزنا، وليست (89/ أ) العاقلة ممكنةً زانيا، وإذا لم يكن زنًا، لم تكن مزنيا بها، فامتنع الحكم، لفقدان مقتضيه، لا مانع منه، فيقول المستدل: إن صح ما قلت، فجنون الواطئ هو الذي أخرج فعلها عن كونه زنا، فلم يمكنك إسقاط أثر زناه بالكلية. وإذا قصدت في الاستدلال أن زناه لا يؤثر بوجه، ولست تقدر على القول بموجب ذلك، إذ لو قلت بموجبه، لأوجبت الحد عليها، فيقول المعترض: نصب الزنا علة، وهو عندي علة العلة. وإطلاق التعليل بالزنا، يشعر بكونه [مناسبا] للحكم، فيجر التفاوض لبسًا على هذا التقدير.