ثم ندب [الشرع] إلى النوافل في كثير من الأوقات، لعلمه أن الإيجاب يشق على البشر، مع الاهتمام بأمر الدنيا، [وركون النفس] إلى الراحات، وسآمة العبادات. هذا بيان مقصود هذه العبادة، وهي الصلاة. ولذلك جاء: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعدًا). وذلك [أن] الرجل الذي قبل المرأة، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}. يعني بالحسنات. الصلوات.
وسبب ذلك أنه إذا صلى، فقد ذكر الله تعالى، فذلك يحركه على التوبة والندم. فلو روعي في الصلوات هذه الجهات، لحملت على الخيرات، ومنعت من المحرمات، ولكنها تفعل بقلوب غافلة، [وأنفس] بالسرور مشغولة، فلا يظهر أثرها في تحصيل هذه المقاصد. ولقد جاء عن بعض صالحي هذه الأمة أنه سئل عن الصلاة، فقال للسائل: [أتسألني] عن آدابها أم عن تأديتها؟ فقال عن آدابها. فقال: (أقوم بالأمر، وأمشي بالخشية، وأدخل بالتواضع، وأكبر بالإجلال، وأجعل الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والله تعالى مطلع علي، فإذا كبرت لم أظن أني أركع، وإذا ركعت لم أظن أني أرفع، ثم كذلك حتى