بها على حال، [فاكتفوا] بالإجماع الذي لا يتطرق إليه الاحتمال بحال. ألا ترى أن الأمور المتواترة من الشريعة يعسر نظم الأسانيد عنها، فلو أردنا أن ننظم إسنادًا في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الصبح ركعتين، اقتصارًا على ذلك، لم نجد إليه سبيلًا.
ويجوز أن تكون الأخبار ثابتة عندهم، ثم أفضى الأمر إلى الدروس، لعدم الحاجة إلى النقل بعد حصول القطع بشرعية المعاملة.
ثم إن كان القوم بجملتهم، إنما أثبتوا القراض قياسًا على المساقاة، لزم أن تكون المساقاة مجمعًا عليها في الصدر الأول، ويكون من منعها خارقًا للإجماع. فلئن كان الشافعي يقطع بما [ذكره]، وجب أن نقطع بخرق أبي حنيفة الإجماع. وإن كان يظن ذلك، وجب أن يظن خرقه [للإجماع]، وكلا القولين عندي غير صحيح، فلا حاجة إلى هذا التقدير. وإنما حمله على ذلك ليقرر قاعدة أصولية، [وهي] إجراء القياس في القواعد عند تقارب المقاصد، وتداني الخواص. والحق عندي في ذلك أن القياس عند تقارب المعاني، لا يصح بحال، وحاصله راجع إلى حكم نقل الأصل إلى الفرع بغير مناط الحكم