يسلك أبو حنيفة في ذلك مسلك القياس، وإنما سلك فيه مسلك التأويل، وذلك أنه لم يجر ذكر العمد على طريق الاشتراك، وإنما ذكر لأنه الغالب، والتقدير عنده: ومن قتله منكم، [والغالب أنه لا يقتله إلا] [متعمدًا]، {فجزاء مثل ما قتل من النعم}. ولو كانت التلاوة [على ذلك]، لكان الخاطئ يكفر بمقتضى التلاوة، ولكن هذا، وإن لم يكن [ظاهرًا]، فهو تأويل مستقيم، إن أمكن عضده بدليل.
وقد قال الشافعي [رحمه الله] مثل هذا، فإنه من القائلين [بالمفهوم]، ويرى أن تخصيص الشيء بالذكر على جهة مخصوصة، يدل على نفي الحكم عما عداه. قال: إلا أن يجري التخصيص على حكم العرف، فإن المسكوت عنه يساوي المنطوق به. وهذا [عندي] في معنى التأويل، إذ الظاهر عنده القصر على المذكور، ولكنه يقدر التقدير الذي قدره أبو حنيفة. فليس هذا من أبواب القياس بسبيل، فلا مناقضة على [الحقيقة] في شيء من ذلك،