حدوث المقدور، ولا تتعلق إلا بمقدور واحد، ولا تصلح لغيره. فكيف يستدل بتحتم حصول العلم مقارنا للقدرة، على أنه غير مقدور؟ وما من فعل عندنا تتعلق القدرة به إلا يتحتم حصوله، ويمتنع الانكفاف عنه، إذ هما في وقت واحد. وسيأتي الكلام عليه في غير هذا المكان، إن شاء الله تعالى.
قال الإمام: (فأما المعتزلة فإنهم فهموا أن العلوم ليست مباشرة بالقدرة [الحادثة]، وعلموا أن النظر يستعقبها استعقابا لا دفع له، فزعموا أن النظر يولدها توليد الأسباب مسبباتها. والمقدور الذي هو مرتبط التكليف والثواب هو النظر عندي). قال الشيخ: ما ذهب إليه المعتزلة من كون العلوم ليست مباشرة بالقدرة الحادثة، من جهة أن القدرة عندهم تصلح للإقدام والإحجام، وبعد النظر لا يتصور الإحجام، فلزم ألا تكون مباشرة بالقدرة. وقد علموا أن النظر يستعقبها، مع تحققهم طلب الشرع العلوم، واستحالة تكليف ما لا يطاق، فقالوا: إن النظر يولدها.