فإن قيل: [فإن] حكم بخلاف اجتهاده، لكنه وافق اجتهاد غيره، فما الذي تقولون؟ (65/ ب) ولو حكم حاكم مقلد بخلاف قول من يقلده، فهل ينتقض حكمه؟ قلنا: هذا في حق المجتهد لا يعرف يقينا، بل يحتمل تغير اجتهاده. نعم، هو في خاصة نفسه، إذا علم أنه حكم بخلاف اجتهاده، وجب عليه نقض حكمه، إلا أن تكون القضية تتعلق بغيره، فلا يقبل قوله على غيره، لمصلحة الحكم أيضا. و [لذلك] منع الحاكم [أيضا] من أن يحكم بعلمه، لمصلحة الخلق في ذلك. (50/ ب) وأما المقلد، فلا يصح حكمه عند الشافعي، وهو ظاهر قول مالك رحمه الله، فإنه قال: إذا اجتمع في القاضي خصلتان، رأيت أن يستقضى، وهما: العلم والورع.

وإن قضينا بصحة حكم المقلدين في وقتنا لضرورة الوقت، وفقدان المجتهدين، تصدى النظر في أمر [آخر]، وهو أنه: هل يتخير المقلد في تقليد من شاء، أو يجب عليه تقليد الأعلم؟ وهذه مسألة سيأتي الكلام عليها، إن شاء الله تعالى. فإن جوزنا، فهذا قد وافق مذهبنا من حيث الجملة، فلا ينقض قضاؤه. وإن قلنا: لا يتخير، بل يرجح- وهو الصحيح- أوجبنا عليه اتباع الأعلم عنده. فإذا قضى بخلاف قوله، فلم يفعل ما أمر به، فقد وقع الحكم في غير محله، فينبغي أن ينقض قضاؤه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015