للفتوى، مع أنهم [مجتهدون]. والظاهر أنهم كانوا يقلدون. قلنا: هذا خيال باطل، ووهم بين، فمن أين يلزم إذا لم يكونوا يشتغلون بالفتوى، أنهم كانوا يقلدون غيرهم؟ بل الظاهر أن المجتهد الذي له في نفسه بصر، لا يرد أمره إلى غيره بحال.

فإن قيل: فما تقولون في تقليد العلم؟ قلنا: إذا ثبت أن نظر غيره في معنى البدل، وأن نظره هو الأصل، لزم أن ينظر أولًا، فإن وافق نظره نظر الأعلم، [فذاك]، وإن خالف نظره نظره، فأي فائدة لكونه أعلم، [وهو] قد ظن خلاف (49/ ب) رأيه، وظنه خاص به؟ وكون ذلك أعلم، لا يمنعه من حصول ظن المخالفة، فلا التفات إلى كونه أعلم بحال. وقد كان أصاغر الصحابة يخالفون الأكابر منهم. وكثيرا ما خالف ابن عباس [عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما من جملة الصحابة، وإن كان ابن عباس] معترفا بأن عليا أعلم منه. وقد صرح بذلك.

والذي نراه وجوب الاجتهاد على المجتهد، ولا يقلد غيره بحال. فإن قيل: فهل من فرق بين ما يخصه وبين ما يفتي به؟ قلنا: يجوز أن ينقل للمستفتي مذهب الشافعي وأبي حنيفة، لكن لا يفتي من نفسه بتقليد غيره، إذ لو جاز ذلك، لجاز للعوام الفتوى. وأما ما يخصه وضاق الوقت، وكان في البحث تفويت، فهذا هل يلحق بالعاجز في جواز التقليد؟ فيه نظر فقهي، وهو يشبه العدول إلى التيمم عند ضيق الوقت، وتناوب جماعة على بئر. والصحيح عندنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015