[هذا] [فات] علم الاجتهاد، ولم يبق إلا المقلدة خاصة. فإذا حصلت هذه الأمور معلومة، [وتعرض لحفظ الجزئيات من الآيات والأخبار، وضبط ما أجمعوا عليه]، فقد حصل منصب الاجتهاد. هذا يشترط في المجتهد المطلق.

وهل يجوز أن يتجزأ منصب الاجتهاد، [حتى] يكون مجتهدًا في مسألة واحدة؟ هذا فيه نظر، وقد جوزه أبو حامد، وهو عندي بعيد، وكيف يتفق أن يكون مجتهدًا في المسألة الواحدة عند الظفر بدليلها؟ وقد قدمنا أنه لا يجوز الحكم بالدليل حتى تحصل غلبة الظن بفقدان المعارض من الشريعة، فإن لم يكن [الناظر] بصيرًا بما اشتملت عليه الشريعة، كيف يجزم أو يظن نفي المعارض؟ اللهم إلا أن تجمع الأمة في مسألة على ضبط مأخذها، ويكون الناظر المخصوص محيطًا بالنظر في تلك المآخذ، فيصح أن يكون مجتهدًا فيها على الوجه المذكور.

وإذا ثبتت هذه الأمور، فعليه في الترتيب وظيفة: وهي أن يجعل نفي الأحكام مستندة إلى البراءة الأصلية، مقدمًا في نظره، ثم ينظر فيما استثنته الأدلة، فما وجد فيها دليلًا يقتضي انتقالًا، انتقل به، وما لم يجد فيه دليلًا، أبقاه على النفي الأصلي. ثم الناقل لا يخلو: إما أن ينتقل مطلقًا أو مشروطًا، فإن نقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015