وقال بعضهم: (من أفتى في كل ما سئل عنه فهو مجنون). بل الشرط أن لا يفتي إلا فيما يدري، ويقف [عما] لا يدري، ويميز بين ما يدري، وبين ما لا يدري، فيفوض ما لا يدري لمن يدري. (52/ أ)
والشرط الثاني: وهو [أن] الذي يشترط في جواز الاعتماد على قوله أن يكون عدلًا، وليس هذا شرط في حصول الاجتهاد، بل إنما يشترط لقبول القول خاصة، وإلا فنحن نجوز أن يكون الكافر مجتهدًا. ومن مسائل الأصول: المجتهد إذا كفر [ببدعته]، لم يعتبر قوله في انعقاد الإجماع، ولا ينخرق بمخالفته، فقد سوغوا أن يبلغ مرتبة الاجتهاد مع كفره، ولكنهم أخرجوه من أهل الإجماع في اعتبار الموافقة، والإضراب عنه في حال المخالفة.
هذا تحقيق القول في صفات المجتهد، وما يعتبر في تحصيل المنصب، وما يعتبر في [اعتماد] القول، [وبالله التوفيق].
فإن قيل: وما القدر الذي يفتقر إلى تحصيله في نيل منصب الاجتهاد؟ [قلنا]: ذلك القدر هو معرفة أدلة الأحكام الشرعية، وجهة دلالتها جملة