جهة الاعتياد، فإن التصميم على الأمر يمنع من كمال الإصغاء إلى نقضيه. ولكن إذا اتفق ذلك، وحصل الإنصاف، ووقع الالتفات إلى التجويز في المعتقدات، أمكن الاضطراب.
لكن يبقى على هذا سؤال، فيقال: هل يحصل الشك عند الإصغاء في حالة بقاء الاعتقاد أو عند زواله؟ فإن كان مع بقاء الاعتقاد، فمحال، وإن كان بعد زواله، فقد خلفه ضد من أضداده، وذلك أيضا يصح في العالم إذا زال علمه، صح أن يخلفه الشك، فبماذا يفارق العلم الاعتقاد؟
فنقول والله المستعان: يمكن أن يشكك المعتقد وإن بقي ذاكرا لسبب اعتقاده، فإنا نبين له أنه لا ربط بينه وبين معتقده، وإلا لو استند إلى وجه صحيح يقتضيه، لكان علما، ولكان السبب دليلا، بخلاف العلم إذا استند إلى سبب يقتضيه، لم يتصور بيان بطلان السبب. فلذلك استحال أن يشكك العالم مع ذكر سبب العلم، وأمكن أن يتشكك المعتقد على ما قررناه. وهذا واضح فيما إذا استندت العلوم والاعتقادات إلى أسباب مختلفة، وإنما تغمض إذا صودفت الاعتقادات في النفوس مضاهية للأوليات من العلوم، فإنه قد يجد الإنسان نفسه مصممه على أمور وهمية لا يقدر على صرف نفسه عنها. وهذا كالاعتقاد أنه لابد من خلاء أو ملاء وراء العالم. هذا في النفس مضاه