إلا أن يكون قد التزم إكرامه بشيء معين، [ثم أعطاه] له، فإنه لا يلزمه إعطاء غيره. وما ذاك إلا لفوات (28/ أ) الملتزم. وهو بمثابة ما لو قال: إن جئتني أعطيتك عبدي ميمونا. فاتفق موت العبد ثم جاءه، فإنه لا يستحق عليه إعطاء غيره، بحكم شرطه والتزامه، ولا يمكن إعطاؤه بعد موته، فيسقط الالتزام لفوات محله.
ومثال ذلك: الرجل إذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم طلقها قبل دخول الدار، فلا أحد من العقلاء يقول إن هذا التطليق مناقض لما سبق من التعليق، ولا أنه هو الطلاق المعلق، بل هو طلاق آخر. فإذا ألزم ذلك، ثم اتفق دخولها، طلقت أيضًا بمقتضى [ذلك] الطلاق الملتزم. إلا أن ما سبق من الطلاق أوجب البينونة الكبرى، فينزل ذلك منزلة موت العبد في المثال السابق، فلا تطلق إلا بمعنى أن الطلاق المعلق على الدخول قد سبق، ولكن لفوات المحل [بالبينونة].
وأما قوله: إن جئتني أكرمتك، وإن لم تجئني أكرمتك إلى آخره. فهو عندنا من باب الشرط على حقيقته، ولكنه عدل عن اللفظ المختصر إلى اللفظ الطويل، وذلك أنه لما قال: إن جئتني أكرمتك، اقتصر اللفظ في الدلالة على التزام الإكرام عند المجيء، وصار الإكرام عند [عدم] المجيء مسكوتًا عنه، ثم عبر عنه بعبارة تخصه، أعني المسكوت عنه، فقال: إن لم تجئني أكرمتك.