والوجه الثاني: أنا وإن سلمنا [أنه لابد] من تعميم الأحكام، فيصح أن تثبت الأحكام بناءً على [ذكر] الروابط الكلية، فنقول عوضًا من قوله: (لا تبيعوا البر بالبر إلا مثلًا بمثل)، لا تبيعوا المقتات بالمقتات [أو] المطعوم بالمطعوم [أو] المكيل بالمكيل إلا مثلًا بمثل. فثبت الحكم على العموم. نعم، يفتقر مع هذا إلى [تحقيق] مناط ما هو مقتات، أو مطعوم، أو مكيل، وليس ذلك بقياس.
والوجه الثالث: أنه كان يصح أن يقال: أصل الأحكام أنها غير ثابتة، فيبقى الخلق على النفي، ولا يكون انتقالٌ إلا بعد القطع [بالانتقال]، أما إذا [كان] ظن ذلك، فلا يثبت الانتقال بحال. فهذا ممكن، لا تناقض فيه من جهة العقل. وقد تمسك به قوم في إبطال القياس، فقالوا: النفي الأصلي معلوم، والقياس لا يفيد إلا ظنًا، فكيف ينتقل عن المعلوم [إلى المظنون]؟ وهذا أيضًا فاسد، [وبيان فساده] من أوجه:
أحدها -أن هذا يقتضي سياقه ألا يعمل بمظنون في الشريعة، فيبطل