والأمر على خلاف ذلك. فلا سبيل إلى اشتراط أمر زائد على الاتفاق، سواء كان في لحظة أو أزمنة.
ولنزد الدليل تقريرًا فنقول: لا يجوز للمجتهد إذا وجد دليل المسألة، المبادرة إلى الحكم به، حتى يبحث في الشريعة عن معارض له أو دليل يصد ذلك الحكم. فإذا صح عنده أنه لا دليل لغير ذلك الحكم يجوز الاعتماد عليه، فحينئذٍ يجزم بالحكم أو يظنه. وإذا كان كذلك، وامتنع قبول المحل الحكمين، للتناقض (174/أ) الحاصل بين الإجماع وثبوت أحد الضدين، فإنه يمنع من الأخذ لا شك فيه. فالذي يقول مثلاً بالحل، ينفي الحرمة وبقية الأحكام، والذي يقول بالحرمة، ينفي الحل وبقية الأحكام. والفريقان متفقان على نفي ما سوى الحل والحرمة. فانتفاؤهما مجمع عليه إجماعًا محققًا، استغنى عن التعبير عن نفيه بالتعبير عن ثبوت ضده. وللعاقل في التعبير عن نفي الحركة عبارتان:
إحداهما - أن يقول: زيد ليس بمتحرك.
[والثانية]- أن يقول: إنه ساكن. وإذا كان كذلك، فما اتفق الفريقان على نفيه، فنفيه مجمع عليه، وهو حكم واحد. وما اختلفا في نفيه وإثباته، فلا قطع في إحدى الجهتين. فما كان ينبغي في هذه المسألة أن ينظر إلى أدلة، ولا إلى شبه، وإنما يختص النظر فيها بتحقيق ما ذكرناه من الإجماع على قضية،