فأما ما هو خارج عن فن الأصول، فهو أن يقع الاتفاق على تصور الإجماع، وفهم حقيقته. ولا يبقى النظر إلا في وجوده في المسألة المفردة. فهذا مما لا يتكلم فيه الأصوليون في مسائل الفروع بحال. وهذا بمثابة انعقاد الإجماع على تحريم التفاضل في الأشياء الستة، أو غيرها من فروع الشريعة [مثلاً]. فإن أدخل الأصولي هذا في فنه، فهو خلط للفن بغيره، وشغف بنصرة مذهب، وذب عنه، أو تضعيف لغيره.

وأما ما يفتقر (172/أ) الأصولي إلى معرفته، ولا يسعه جهله في فنه فقسمان:

أحدهما - نظير هذا الذي ذكرناه، وهو أن يبين وجود الإجماع بعد فهمه وتصوره في مسائل الأصول، أجناسًا وأنواعًا. وهذا بمثابة كلام الأصوليين على بيان الإجماع على وجوب العمل عند خبر الواحد، والقياس، وسائر الأسباب والأمارات. فليس يرجع ذلك إلى تصور الإجماع، وإنما يرجع إلى بيان وجوده في مسألة النزاع، فهو يشبه النظر الأول لأصحاب الفروع، ولكنه يمتاز عنه بالنظر إلى التعلق. ففي الوجه الأول النظر في مسألة فردة فرعية. وفي هذا المكان النظر في تحقيق نوع أو أمارة أو جنس.

النوع الثاني - ما ينظر فيه الأصولي هو الكلام في اشتراط انقراض العصر ومستند الإجماع من قطع أو ظن. وقد تقدم هذان النوعان. وبقي الكلام في هذه المسألة، وهي هل يلتئم من قول البعض وسكوت البعض إجماع أم لا؟ ويخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015