مقصود، فلم يبق إلا أنه أراد أمرًا يثير ظنًا قويًا. والأسباب في إثارة غلبات الظنون تختلف باختلاف أحوال الناس، فقد يظن الإنسان من سبب أمرًا، ولا يظنه غيره من ذلك السبب. فكأن هذا الرجل يقول: إن أجمعوا على سبب قاطع، فلابد من الاتباع، وإن أجمعوا على سبب مظنون ظنًا قويًا، وجب أيضًا الاتباع، إلا أنه زعم أنه (لا يلوح جلاؤه إلا بالاستمرار عليه). وهذا عندي غير صحيح لوجهين:
أحدهما - أن الحاكم يعرف مستنده [بقدر] ما يحصل له من الظن. فلو صرح أهل الإجماع، وقالوا: السبب الذي أسندنا الحكم إليه من [أعلى] الأسباب المثيرة لغلبات الظنون، كما صورناه في خبر الصديق - رضي الله عنه - أو غيره، فهل كان يصدقهم في قوة السبب أم لا؟ فإن صدق، فهو ما طلب الاستمرار مع التكرار، إلا ليعرف قوة السبب. وقد عرفه بقول المجمعين، فيلزمه أن يبادر إلى القضاء بانعقاد الإجماع، إذ قد ظهرت قوة السبب.
الثاني - أنه يلزم إذا قالوا: مستندنا أثار لنا ظنًا ليس بالقوي، ولكن