عقلت الشيء وعلمته وفهمته. فلا امتناع في تسمية العقل علما والعلم عقلا. ولكن غرضنا بالكلام أن نوضح العقل الذي هو شرط صحة التكليف.
وأما التطويل الذي ذكره الإمام في احتجاج القاضي، فلابد منه ليتبين مأخذه. فإن الرد على القائل قبل معرفة مأخذه فيه نظر. قال القاضي: العقل أمر وجودي، إذ لو كان عدما، لما اختص به بعض الجواهر دون بعض، إذ النفي لا اختصاص له.
فإذا ثبت وجوده، فلا يخلو: إما أن يكون قديما أو حادثا، ويستحيل الحكم بقدمه، لدلالة الأدلة على أن لا قديم إلا الله وصفاته، إذ لو كان قديما، لاستحال أن يتصف به المحدث، ولا معنى للإطناب في ذلك.
وأيضا فإن ذات القديم لا يختص بها بعض الجواهر دون بعض، فكان يجب أن يثبت العقل لجميع جواهر العالم. وقد صار كثير من الحشوية إلى أن العقل قديم. وهم أقل من أن يفردوا بكلام. وهذا كقولهم بقدم الروح.