فإن ذلك ممتنع من طريق الاعتياد. قلنا: هذا إنما يمتنع في الزمان الفرد والساعة الواحدة. فأما إذا طال الزمان، فلا يبعد أن يصير الأذكياء إلى الجهة الظاهرة، ويقررون ذلك عند ذوي البلادة، فيوافقونهم على هذا المذهب.
ثم أيضًا إنما يتعذر ذلك عند استواء الاحتمالات. فأما إذا ظهر التفاوت الجلي، فلا يمتنع الإطباق عليه. وأهل هذا المذهب قد أطبقوا على نفي القياس مع ظهور أدلته. فإذا جاز الاتفاق على نقيض الصواب، بناء على وهم وخيال، فكيف يمتنع الإطباق على أمر ظاهر جلي؟
الشبهة الثانية: أنهم قالوا: الخطأ في الاجتهاد [جائز]، فكيف تجتمع الأمة المعصومة على ما يجوز فيه الخطأ؟ وربما قالوا: الإجماع منعقد على جواز مخالفة الاجتهاد، فلو جاز اتفاقهم على اجتهادٍ، لحرمت المخالفة، التي هي جائزة بالإجماع، ويتناقض الإجماعان. قلنا: إنما يجوز الخطأ في اجتهاد ينفرد به الآحاد، أما اجتهاد الأمة المعصومة، فلا يحتمل الخطأ، كاجتهاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقياسه، فإنه لا يجوز خلافه، لثبوت عصمته، [فكذا] عصمة الأمة