إذا نزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطا، فكسر الصليب، وقتل الخنزير، وإمامكم منكم). فهذه الأخبار وأمثالها تقتضي دوام الشرع بدوام أدلته. هذا تقرير هؤلاء القوم.
وقد قال كثير من الأصوليين: يجوز نقصان عدد المجمعين عن عدد التواتر. وهذا هو الصحيح عندنا. كيف ذلك والوجود كاشف له ويحقق أمره؟ ولسنا نعلم اليوم مجتهدا مستقلا بنفسه في استنباط الأحكام، (169/أ) غير مفتقر إلى التقليد للأئمة الماضين.
وأما ما تخيلوه من أنه لو نقص علماء الشريعة عن عدد التواتر، لبطلت الحجة، ولم تعلم الأدلة. فهذا غير صحيح، فإنه قد بقي متواترا بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتحديه بالقرآن الذي هو المعجزة، فلا حجة على الله بعد الرسل. وإذا ثبتت النبوة ببقاء معجزتها، توجهت أحكام الإسلام، فما كان منها معلوما، وجب المصير إليه والتمسك به، وكذلك المظنون في العمليات. وما التبس وتعذر على المكلفين الوصول إليه، فالتكليف به ساقط.
وأما اندراس الأعلام بالكلية، فلا تندرس، بل يبقى أصل الدين منقولا متواترا، إما من العامة مع العلماء. فإن نقل العلم لا يفتقر إلى تحصيل درجة