موافقة العامي؟ قلنا اختلف الناس في ذلك، فذهب ذاهبون إلى أنه ينعقد، لأنه من الأمة، فلابد من موافقته بالجملة أو التفصيل، ليتحقق اجتماع كلمة الأمة، لأنه مندرج تحت العموم. فإذا جرت صورة من الصور، لم يقطع ببقاء دلالة الدليل. وذهب المحققون إلى أنه لا يعتبر لدليلين:
أحدهما - أنه لا يفهم من العصمة عصمة من هو أهل الفتوى في المسألة بعد فهمها والإحاطة بها، والعامي ليس له أهلية هذا الشأن، فهو بمثابة المجنون لا شك فيه. فإن هذا لا يتصور ضرورة من عامي عاقل. فإن العاقل يفوض ما لا يدري لمن يدري. فإن أصر على المخالفة، فلا التفات إليه. ولهذا لا يتصور صدور هذا من عاقل. فهذه صورة فرضت لا وجود لها.
الثاني - أن الأمة مجمعة على أن العوام لا يلتفت إلى قولهم، أعني الصحابة رضوان الله على علمائهم وعوامهم، فإنهم لم يراجعوا العوام في الأحكام. وكيف يراجع من لا بصيرة عنده بحال؟ بل لو أفتى عامين لاشتد عليه النكير، وزجر عن ذلك أشد الزجر. وقد ذم الشارع من يقول بالجهل والهوى. وقال [- صلى الله عليه وسلم -]: (إن الله تعالى لا ينتزع العلم انتزاعًا من صدور الرجال، ولكن يقبض العلماء، فإذا لم يبق في الأرض عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا). ولكن هذا يدل على تحريم