الخبر مقطوعا به، لا بالإجماع. والعادة أصل يستفاد منه معارف، بها نعلم بطلان دعوى معارضة القرآن واندراسها، ودعوى بطلان نص الإمامة، وإيجاب صلاة الضحى، وصوم شوال، فإن ذلك لو كان، لاستحال في العادة السكوت عنه. هذا سؤال وجواب لهم عنه.
ويتوجه عندي على هذا كلام، وهو أنه لا يتأتى أن يسند العدد الكثير الجزم بالحكم إلى طريق مظنونة، ولهم أن يعتقدوا صحة الطريق، ولا يكون هو صحيحا في نفسه، فهذا غير ممتنع. فما المانع من اعتقاد الصحة، ويكون الأمر على خلاف ذلك؟ وهو بمثابة ما إذا اتفق العدد الكثير، وليسوا كل أهل الإجماع على إسناد حكم جزما (163/أ) إلى خبر غير مقطوع بثبوته. فإن جزمهم بالحكم، لا يصير الخبر مقطوع الثبوت.
والسؤال الثالث على أصل الدليل من أسئلة الرد: أنه قيل لهم: بم تنكرون على من يقول إنهم أثبتوا الإجماع لا بهذه الأخبار، بل بدليل آخر؟ أجابوا بأن قالوا: قد ظهر منهم الاحتجاج بهذه الأخبار في المنع من مخالفة الجماعة، [وتهديد] من يخالف الجماعة. هذا سؤال والجواب عنه.
وينقدح عندي في ذلك كلام، وهو أنه لم يثبت النقل المتواتر عن جميع الصحابة الاستدلال في عصمة الأمة بهذه الأخبار، بل لا يكاد يظفر للقوم باستدلال على الإجماع، وإنما كانوا يسندون الأحكام إلى الإجماع بعد أن استقر عندهم كونه حجة بأدلة ثابتة. وإن ذكرت هذه الأخبار بينهم، فليس يقصد بها إثبات عصمة، وإنما تورد لأغراض أخر.