البلغاء، واعترفت بالعجز، مع استبدادهم بفصيح الكلام. فأوضح الحجة، وأظهر المحجة، ودعا إلى شريعة الإسلام. وأمر بالصلاة والصدقة الصيام، وحث على الجهاد والحج وصلة الأرحام. وجاهد في الله حق جهاده حتى أمات الكفر وأبطل عبادة الأصنام. ونهى عن الظلم، والبغي والفواحش، وجميع الآثام. حتى انقاد الناس لحكم الله - عز وجل -، وترك التحاكم إلى الأزلام. وزهد في الدنيا قولا وفعلا، فإنها أشبه شيء بالأحلام. ورغب في الآخرة التي هي دار الدوام. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأصهاره وأنصاره البررة الكرام.
أما بعد، فإنه لا أهم بعد العلم بالله - عز وجل -، وصفاته ورسله، من أحكامه ليحصل الامتثال لأمره، والانكفاف عما نهى عنه. قال الله تعالى: {وما خلقت [الجن والإنس] إلا ليعبدون}. وقال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}. وقال: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}. فلا نجاة إلا بسلوك طريق الله - عز وجل -. والعلم هو الدليل على الطريق، وهو الميراث الذي ورثه الأنبياء، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم).