الجمع، لعلمه بالاستحالة، والطلب عندنا لا يتوقف على الإرادة.
الثاني- أن الجمع معقول، والضدان معقولان، وقد أمر أن يضيف الجمع المعقول للضدين المعقولين، فنبا المحل (16/ب) عن قبول ذلك، فقيل: إن ذلك غير معقول. وكذلك نعلم استحالة الجمع بينهما. ولو كان ذلك لا يقوم بالنفس من حيث الجملة، لم يتصور القضاء عليه بالاستحالة، كما لا يتصور ذلك في المذهول عنه بالكلية، فإن ذلك لا يمكن التعبير عنه قصدا.
وهذان الوجهان أيضا اللذان ذكرناهما في الرد على المعتزلة، نرد بهما مع الوجه السابق على أصحابنا.
فإن قيل: فما تقولون في تكليف ما لا يطاق؟ قلنا: نذكر أولا صوره، وما يدل عليه لفظه. فإنه يدل عند الأصوليين والمتكلمين على أربعة أوجه:
أحدها- ما لا يعقل على حال، كالجمع بين الضدين، وقلب الأجناس، وإعدام القديم، وإيجاد الموجود، إلى ما يضاهي ذلك مما لا يعقل.
الثاني- إطلاقه على ما لا يدخل تحت مقدور البشر، وإن كان ممكنا في نفسه، كخلق الجواهر والأعراض، فغن ذلك لا يدخل تحت القدرة الحادثة. وبرهانه: أنه لو كان مقدورا لهم، لأدركوا من أنفسهم عجزا عنه، إذ المحل القابل للشيء وضده. ألا ترى أن الحركة لما كانت من