هذا قيل: إن القربة التي لا يتصور التقرب بها إلى الله تعالى هي النظر الأول.
وأراد [ههنا] بالتقرب: قصد الفاعل إلى إيقاع العمل طاعة. وهذا القصد قد يستحيل اشتراطه في بعض الطاعات، وقد يجب تحصيله في بعضها. فإذا وقع له الإخلال به، لم يصح العمل. وقد يجوز أن يحصل، ولكن لا يوجب الشرع ذلك.
فأما الموضع الذي يستحيل القصد فيه، فهو النظر الأول، وكذلك القصد عند موجبه، وكذل المعرفة المترتبة على النظر الأول، فإنه لا يتصور إيقاعها طاعة، إذ الناظر لا يقصد إلى معرفة مخصوصة، إذ العلم يضاد النظر، وهو لو علم لم ينظر، لأنه لا يدري ما يفضي إليه النظر، فلا يتصور منه القصد إلى التقرب بالمعرفة التي لم تحصل له، ونظره ينافيها. وكذلك إدارة الطاعة أيضا لا يشترط أن يقصد بها التقرب، غذ لو افتقرت إلى إرادة، لتسلسل القول.