مرة "ينزل ربنا" وإثباته صلى الله عليه وسلم لربه هذه الصفة لا يتنافى مع تنزيهه له سبحانه، فماذا يقول المعطلون المعترضون على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمتقدمون بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ أما الصحابة والتابعون وأئمة السلف فلم ينقل عن أحدٍ منهم أنه قال هذا لا يليق بالله وأنه ليس على ظاهره، وأما الذين أولوا هذه الصفة وقالوا لا تليق بالله وأنها ليست على ظاهرها وهم المعطلة الجهمية ومن لف لفهم فيقولون: الله لا ينزل؛ لأنا لو أثبتنا لله النزول لأثبتنا له الحركة والمكان، وهكذا ينفون عن الله صفة النزول، وهذه التعليلات العقلية لها منشأ فاسد في قلوب هؤلاء انبثق منهم إنكارهم للصفات، وهو قياس الخالق بالمخلوق، أو فهم الصفة التي تضاف إلى الخالق كما يفهمون من الصفة التي تضاف إلى المخلوق، فقالوا: لو أثبتنا لله النزول لأثبتنا له الحركة والانتقال والمكان، وهذه الأمور من صفات الحوادث والله منزه عن الحوادث، والنتيجة إذاً نفي هذه الصفة.

يقال لهم: إذا كانت تعليلاتكم هذه صحيحةً، فلماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما مجلس: "ينزل ربنا"؟ يجيب هؤلاء المتكلمون: النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بقوله هذا نزول الله، وإنما أراد نزول الملك. يقال لهم: إذا كان ذلك كذلك فإن هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون إلى الألغاز والتعمية منه إلى الفصاحة والبيان.

وإذا كان كلام هؤلاء حقاً لكان اللازم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: ينزل ملك ربنا صراحةً، ولكنه لم يفعل ولو مرة، فهو في كل مرة يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015