والناظم بدأ إثبات صفة اليد بالرد على الجهمية، والجهمية هم أساس الشر ورأس البلاء في تعطيل الصفات، ولذا فكل معطل جهمي، وكل معطل شيخه الأول الجهم بن صفوان؛ لأنهم ورثوا منه تركة التعطيل ولكنهم في أخذهم عنه يتفاوتون، فبعضهم أخذ منه بحظ وافر، وبعضهم أخذ منه دون ذلك.
(وقد ينكر الجهمي) أي يجحد السائر على منهج الجهم والمتأثر بشبهه، و (قد) هنا للتأكيد والتحقيق.
(أيضاً) أي مع إنكاره للصفات الأخرى.
(يمينه) أي ثبوت اليمين واليد لله تعالى. وهنا سؤال: كيف أنكر الجهمية اليمين واليد لله مع أن اليد ثابتة في القرآن والسنة بمئات النصوص، ووصفت بصفات كثيرة لا تجعل من يقرأ تلك الأدلة يتردد في إثباتها لله، بل قد وصفت اليد بصفات تصل إلى مائة صفة، مثل الطي والقبض والبسط والأخذ والإعطاء وغير ذلك من الصفات، كلها تؤكد إثبات هذه الصفة لله حقيقةً على الوجه اللائق به.
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف غرس الجهم في نفوس من تأثر به عدم إثبات اليد لله؟ وقبل مقالة الجهم كان كل من يقرأ آيات الصفات في القرآن لا يفهم منها إلا الصفات الحقيقية اللائقة بالله, ويعلم ذلك بالنظر إلى العوام الذين لم يلتقوا بالجهمي أو أي متكلم، فإذا تليت عليهم آية في الصفات لا يفهمون منها إلا الصفة الحقيقية.