تجري على يد نبي مؤيد من الله، لا على يد ساحر أفّاك (?) . فأقبل الناس إذ ذاك على تعلم ذلك منهما لكنهم فُتنوا وابتُلوا، فمنهم من اعتقد أحقية السحر لمَّا تعلمه، فعمل به، فصار كافرًا بذلك، مع أن الملكين ما فتئا يحذِّران كلَّ من رغب بالتعلّم أن في تعلم حقيقة السحر فتنة له، حيث إنه لو اعتقد أحقيته ثم عمل به، صار كافرًا، إلا أن الناس - وبخاصة اليهود - قد تجرؤوا فأقبلوا على التعلم، ثم خانوا العهد - وقد مَرَدُوا على ذلك - فعملوا بالسحر، ولم يلتزموا ما اشترطه عليهم الملكان، فكانت الفتنة واقعة بهم، فخسروا بذلك لمّا باعوا نصيبهم من نعيم الجنة، بعَرَضٍ من الدنيا قليل (?) .
الرابعة: أن ما يرويه بعض المفسرين في خبر الملكين وقصتهما، وأنهما قد فتنا بامرأة لمّا نزلا إلى الأرض، وقد رُكّبت بهما الشهوة امتحانًا لهما، كل ذلك لا أصل له، ولا حجة فيه البتة، وهو من نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، فلا يُعوَّل عليه، ولا يُركن إليه، وقد أنكر ذلك ثقات الأئمة وعلماء الإسلام، منهم القاضي عياض، والفخر الرازي، والشهاب العراقي، والإمام ابن كثير والعلاّمة الآلوسي، رحم الله الجميع (?) .