ويَعْمَد إلى مجازاته فيعاقبه بأكثر مما يستحقه، أو لمجرد الشر من بعضهم والميل إلى الإيذاء، فهو بالجملة: إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الأذية (?) ، وهذا الأخير، يكون - غالبًا - بسبب السحر، فتعين الشياطينُ السحرةَ فتمس الإنسي وقد تلبَّسُ به أيضًا، فيُصرَع ويتألم، وقد تؤثر عليه - بسحرٍ أيضًا - دونما تلبُّسٍ فتوسوس له بالبغض للتفريق بينه وبين زوجه، أو للتحبيب بينهما بشغف مفرط يسوّغ لهما الطاعة العمياء كلٌ لشريكه، ولا ريب بأن تأثير ذلك يتعاظم كلما خوى قلب العبد من حقيقة ذكر ربه، وخَرِب لسانه من اللهج بذلك، وتجردت أعضاؤه عن العمل بمراضي الله تعالى، فإذا عرف الراقي خلوَّ المرقي من مرض عضوي، أو آخر نفسي، وقد أعيا طبيبه، وعرف من حاله غواية وهجرًا لذكر ربه، رجح لديه احتمال المس بسحر أو بعشق أو بسبب بغض وميل إلى الأذى، فيعمد حينئذ - متوكلاً على الله مستعينًا به سبحانه - إلى إبطال كيد الساحر، وإبعاد الجني المتسلط، بما علمه من رقى مشروعة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وخلاصة لما سبق، فإن مس الجني للإنسي حاصل ثابت شرعًا، لكن حصوله هو في غاية الندرة، وليس كما يعتقد كثير من عامة الناس، حيث يعللون غالب الأمراض العضوية، وجميع الأمراض النفسية، بأنها بأثر عين، أو ضر حسد، أو أذى سحر، أو مس جنٍّ، فتراهم يُهرعون إلى أبواب كل مشعوذ أفاك أثيم، أو ساحرٍ مُعْتَمٍّ زُورًا، يدلِّس على