تَنْفُذُوا} [الرحمن: 33] ، وهو من التحدي لهم، ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا *} [الإسراء: 88] . ومن الإعلام بمصيرهم في الآخرة قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ *وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ *} [الأحقاف: 18-19] ، ومن توعّده لهم قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ *} [الرحمن: 31] . وقوله: {وَمِنَ ... } [سبأ: 12] .

وخلاصة ما ذُكر آنفًا - في تقرير أن الجن مخاطبون بالتكليف من قِبَل رسل الإنس - هو ما ذكره الإمام القرطبي رحمه الله بقوله: (إن سورة الرحمن والأحقاف وقل أوحي - أي سورة الجن -، دليل على أن الجن مخاطبون مكلفون مأمورون منهيون، معاقبون كالإنس سواء بسواء، مؤمنهم كمؤمنهم، وكافرهم ككافرهم، لا فرق بيننا وبينهم في شيء من ذلك)) . اهـ (?) .

ووجه الاستدلال في ذلك: أن خطاب القرآن المتوجه إلى الجن دال على أن من أنزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم هو مرسل إلى الجن كما إلى الإنس، وإلا فكيف يفردون بالخطاب ثم يتوعدون بالعذاب، ويتم تحديهم بكتابٍ، هو في الأصل منزل على رسول خاص بالإنس، فلو حصل ذلك لكان لهم عندها أن يحتجوا بقولهم: لا شأن لنا بذلك كله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015