بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لطريق الحق وجعلنا مسلمين.
ووفقنا لتحقيق التحصيل من المحصول، وأعاننا في البدء ويسّر لنا الختام.
وكان عوناً لنا على مرِّ الليالي والأيام. وأمدّنا بالصبر والمثابرة، كلما غزا القلب والعينين الملل والسهاد. فله الحمد والشكر اللذان يليقان بكماله وجلاله سبحانه. وصلواته وسلامه على من أدّى الأمانة وبلَّغ الرسالة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلَّا هالك، وعلى الآل
والصحب الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله جلَّ شأنه لم يخلقنا عبثاً بل خلقنا لأمر عظيم. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (?). ولم يتركنا جلَّ شأنه هملاً بل بعث إلينا الرسل، وأيدهم بالمعجزات فمن أطاعهم واتبع سبيلهم دخل جنةً عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. ومن عصى وتولى أعدَّ له ناراً وقودها الناس والحجارة. قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (?). وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (?).
وأوحى لرسله شرائع تصلح حال الناس في المعاش والمعاد. وكان آخر هذه الشرائع شريعة خاتم الأنبياء والمرسلين محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- التي امتازت عن