النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ»
(?) فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْأَسْمَاءَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الِاسْمَ الْعَلَمَ وَالصِّفَةَ الْخَاصَّةَ بِهِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ. وَقَدْ رُوِيَتْ لَهُ أَسْمَاءٌ غَيْرُهَا اسْتَقْصَاهَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي «الْعَارِضَة» و «القبس» .
فَالَّذِي نُوقِنُ بِهِ أَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِهِ: اسْمُهُ أَحْمَدُ يَجْرِي عَلَى جَمِيعِ مَا تَحْمِلُهُ جُزْءَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنَ الْمَعَانِي.
فَأَمَّا لَفْظُ «اسْمٍ» فَأَشْهَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةُ اسْتِعْمَالَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُسَمَّى. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الِاسْم هُوَ المسمّى. وَنَسَبَ ثَعْلَبٌ إِلَى سِيبَوَيْهِ أَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى (أَيْ إِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ اسْمٍ فِي الْكَلَامِ فَالْمَعْنَى بِهِ مُسَمَّى ذَلِكَ الِاسْمِ) لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ السَّيِّدِ الْبَطَلْيَوْسِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي جَعَلَهُ فِي مَعَانِيَ الِاسْمِ هَلْ هُوَ عَيْنُ الْمُسَمَّى، أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى، وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، فَحَمَلَهُ ابْنُ السَّيِّدِ الْبَطَلْيَوْسِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا إِطْلَاقَانِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ فِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، وَتَوَقَّفَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَيْسَ لِي فِيهِ قَوْلٌ.
وَلِمَا فِي هَذَا الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الِاحْتِمَالِ بَطُلَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ.
الِاسْتِعْمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ بِمَعْنَى شُهْرَةٍ فِي الْخَيْرِ وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
لِأَعْظَمِهَا قَدْرًا وَأَكْرَمِهَا أَبًا ... وَأَحْسَنِهَا وَجْهًا وَأَعْلَنِهَا سُمَى
سَمًى لُغَةٌ فِي اسْمٍ.
الِاسْتِعْمَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلَقَ عَلَى لَفْظِ جُعِلَ دَالًّا عَلَى ذَاتٍ لِتُمَيَّزَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِهَا، وَهَذَا هُوَ الْعَلَمُ.
وَنَحْنُ نَجْرِي عَلَى أَصْلِنَا فِي حَمْلِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي الَّتِي يَسْمَحُ بِهَا