بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اشْتُهِرَتْ تَسْمِيَةُ هَذِهِ السُّورَةُ «سُورَةُ الْحَشْرِ» . وَبِهَذَا الِاسْمِ دَعَاهَا النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ «قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أُعَوِّذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ»
الْحَدِيثَ، أَيِ الْآيَاتِ الَّتِي أَوَّلُهَا هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [الْحَشْر: 22] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ: «قُلْ بَنِي النَّضِيرِ» ، أَيْ سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ فَابْنُ جُبَيْرٍ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا الْمَشْهُورِ. وَابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمِّيهَا سُورَةَ بَنِي النَّضِيرِ. وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ تَسْمِيَة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا «سُورَةَ الْحَشْرِ» لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَرَى تَسْمِيَتَهَا «سُورَةَ بَنِي النَّضِيرِ» لِقَوْلِهِ لِابْنِ جُبَيْرٍ «قُلْ بَنِي النَّضِيرِ» .
وَتَأَوَّلَ ابْنُ حَجْرٍ كَلَامَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا بِ «الْحَشْرِ» لِئَلَا يَظُنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَة. وَهَذَا تَأَول بَعِيدٌ. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَادَ أَنْ لَهَا اسْمَيْنِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: قُلْ، لِلتَّخْيِيرِ.
فَأَمَّا وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا «الْحَشْرَ» فَلِوُقُوعِ لفظ الْحَشْرِ [الْحَشْرِ: 2] فِيهَا. وَلِكَوْنِهَا ذُكِرَ