وَالْأَزْوَاجُ: الْأَصْنَافُ. وَالزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الصِّنْفِ وَالنَّوْعِ كَقَوْلِه تَعَالَى: فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ [الرَّحْمَن: 52] وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّنْفَ إِذَا ذُكِرَ يُذْكَرُ مَعَهُ نَظِيرُهُ غَالِبًا فَيكون زوجا.
[8- 12]
فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)
قَدْ عَلِمْتَ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ [الْوَاقِعَةُ: 1] الْوَجْهَ فِي مُتَعَلِّقِ إِذا وَإِذْ قَدْ وَقَعَ قَوْلُهُ: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً [الْوَاقِعَة: 7] عَطْفًا عَلَى الْجُمَلِ الَّتِي أُضِيفَ إِلَيْهَا (إِذَا) مِنْ قَوْلِهِ: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا [الْوَاقِعَة: 4] كَانَ هُوَ مَحَطَّ الْقَصْدِ مِنَ التَّوْقِيتِ بِ (إِذَا) الثَّانِيَةِ الْوَاقِعَةِ بَدَلًا مَنْ (إِذَا) الْأُولَى وَكِلْتَاهُمَا مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ، فَكَأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْجَزَاءِ، فَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْفَاءَ لِرَبْطِ الْجَزَاءِ مَعَ التَّفْصِيلِ لِلْإِجْمَالِ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ جَوَابًا لِ (إِذَا) الثَّانِيَةِ آئِلًا إِلَى كَوْنِهِ جَوَابًا لِ (إِذَا) الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مُبْدَلَةٌ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ جَوَابُ (إِذَا) الْأُولَى فَتَكُونُ الْفَاءُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَيَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ [الْوَاقِعَة: 2] .
وَقَدْ أَفَادَ التَّفْصِيلُ أَنَّ الْأَصْنَافَ ثَلَاثَةٌ:
صِنْفٌ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُجْعَلُونَ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي الْمَحْشَرِ. وَالْيَمِينُ جِهَةُ عِنَايَةٍ وَكَرَامَةٍ فِي الْعُرْفِ، وَاشْتُقَّتْ مِنَ الْيُمْنِ، أَيِ الْبَرَكَةِ.
وَصِنْفٌ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ، وَهِيَ اسْمُ جِهَةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشُّؤْمِ، وَهُوَ ضِدُّ الْيُمْنِ فَهُوَ الضُّرُّ وَعَدَمُ النَّفْع وَقد سميا فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ أَصْحابُ الْيَمِينِ [الْوَاقِعَة: 27] وأَصْحابُ الشِّمالِ [الْوَاقِعَة: 41] ، فَجُعِلَ الشَّمَالُ ضِدَّ الْيَمِينِ كَمَا جُعِلَ الْمَشْأَمَةُ هُنَا ضِدَّ الْمَيْمَنَةِ إِشْعَارًا بِأَنَّ حَالَهُمْ حَالُ شُؤْمٍ وَسُوءٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَعَارٌ لِمَا عُرِفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ