وَوَصَفَ نِسَاءَ الْجَنَّتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ بِ قاصِراتُ الطَّرْفِ. وَوَصَفَ نِسَاءَ الْجَنَّاتِ الْأَرْبَعِ بِأَنَّهُنَ حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيَامِ، فَعُلِمَ أَنَّ الصِّفَاتَ الثَّابِتَةَ لِنِسَاءِ الْجَنَّتَيْنِ وَاحِدَة.
والمقصورات: اللّاء قُصِرَتْ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يَعُدُّونَ الْأُنْسَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ التَّرَفِ فِي نِسَاءِ الدُّنْيَا فهنّ اللاء لَا يَحْتَجْنَ إِلَى مُغَادَرَةِ بِيُوتِهِنَّ لِخِدْمَةٍ أَوْ وِرْدٍ أَوِ اقْتِطَافِ ثِمَارٍ، أَيْ هُنَّ مَخْدُومَاتٌ مُكَرَّمَاتٌ كَمَا قَالَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ:
وَيُكْرِمُهَا جَارَاتُهَا فَيَزُرْنَهَا ... وَتَعْتَلَّ عَنْ إِتْيَانِهِنَّ فَتُعَذَرْ
وَالْخِيَامُ: جَمْعُ خَيْمَةٍ وَهِيَ الْبَيْتُ، وَأَكْثَرُ مَا تُقَالُ عَلَى الْبَيْتِ مَنْ أَدَمٍ أَوْ شَعْرٍ تُقَامُ عَلَى الْعَمَدِ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ.
وَاعْتَرَضَ بِجُمْلَةِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَبَيْنَ الصِّفَتَيْنِ لِقَصْدِ التَّكْرِيرِ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَقْتَضِيهِ.
وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ آنِفا [56] .
[75]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (75)
تَكْرِيرٌ فِي آخِرِ الْأَوْصَافِ لِزِيَادَةِ التَّقْرِير والتوبيخ.
[76]
[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 76]
مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (76)
ومُتَّكِئِينَ: حَالٌ مِنْ وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ كُرِّرَتْ بِدُونَ عَطْفٍ لِأَنَّهَا فِي مَقَامِ تَعْدَادِ النِّعَمِ وَهُوَ مَقَامٌ يَقْتَضِي التَّكْرِيرَ اسْتِئْنَافًا.
وَالرَّفْرَفُ: ضَرْبٌ مِنَ الْبُسُطِ، وَهُوَ اسْمٌ جَمْعُ رفرفة، وَهِي مَا يُبْسَطُ عَلَى الْفِرَاشِ لِيُنَامَ عَلَيْهِ، وَهِيَ تُنْسَجُ عَلَى شِبْهِ الرِّيَاضِ وَيَغْلُبُ عَلَيْهَا اللَّوْنُ الْأَخْضَرُ، وَلِذَلِكَ شَبَّهَ ذُو الرُّمَّةِ الرِّيَاضَ بِالْبُسُطِ الْعَبْقَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: