وَالْمُرَاوَدَةُ: مُحَاوَلَةُ رِضَى الْكَارِهِ شَيْئًا بِقَبُولِ مَا كَرِهَهُ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ رَادَ يَرُودُ رَوْدًا، إِذَا ذَهَبَ وَرَجَعَ فِي أَمْرٍ، مُثِّلَتْ هَيْئَةُ مَنْ يُكَرِّرُ الْمُرَاجَعَةَ وَالْمُحَاوَلَةَ بِهَيْئَةِ الْمُنْصَرِفِ ثُمَّ الرَّاجِعِ. وَضَمَّنَ راوَدُوهُ مَعْنَى دَفَعُوهُ وَصَرَفُوهُ فَعُدِّيَ بِ عَنْ.

وَأَسْنَدَ الْمُرَاوَدَةَ إِلَى ضَمِيرِ قَوْمِ لُوطٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَاوِدُونَ نَفَرًا مِنْهُمْ لِأَنَّ مَا رَاوَدُوا عَلَيْهِ هُوَ رَادٌّ جَمِيعَ الْقَوْمِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعْيِينِ مَنْ يَفْعَلُهُ.

وَيَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ: عَنْ ضَيْفِهِ بِفِعْلِ راوَدُوهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ عَنْ تَمْكِينِهِمْ مِنْ ضُيُوفِهِ.

وَقَوْلُهُ: فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ لِلنَّفَرِ الَّذِينَ طَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَهُوَ الْعَمَى، أَيْ أَلْقَى اللَّهُ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ عِقَابٌ لَهُمْ.

وَاسْتَعْمَلَ الذَّوْقَ فِي الْإِحْسَاسِ بُالْعَذَابِ مَجَازًا مُرْسَلًا بِعَلَاقَةِ التَّقْيِيدِ فِي الْإِحْسَاسِ.

وَعَطَفَ النُّذُرَ عَلَى الْعَذَابِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَذَابَ تَصْدِيقٌ لِلنُّذُرِ، أَيْ ذُوقُوا مِصْدَاقَ نُذُرِي، وتعدية فعل فَذُوقُوا إِلَى نُذُرِي بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ وَآثَارَ نُذُرِي.

وَالْقَوْلُ فِي تَأْكِيدِهِ بِلَامِ الْقَسَمِ تَقَدَّمَ، وَحُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ قَوْلِهِ: وَنُذُرِ تَخْفِيفًا.

[38]

[سُورَة الْقَمَر (54) : آيَة 38]

وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)

الْقَوْلُ فِي تَأْكِيدِهِ بِلَامِ الْقَسَمِ تَقَدَّمَ آنِفًا فِي نَظِيرِهِ.

وَالْبُكْرَةُ: أَوَّلُ النَّهَارِ وَهُوَ وَقْتُ الصُّبْحِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015