وَكَانَ نُزُولُهَا فِي حُدُودِ سَنَةِ خَمْسٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَفِي «الصَّحِيحِ» «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِمَكَّةَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ [الْقَمَر: 46] .
وَكَانَتْ عُقِدَ عَلَيْهَا فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، أَيْ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِمَكَّةَ، وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ بَيْنَ نُزُولِ آيَةِ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [الْقَمَر: 45] وَبَيْنَ بَدْرٍ سبع سِنِين.
تَسْجِيلُ مُكَابَرَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَةِ، وَأَمْرُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ مُكَابَرَتِهِمْ.
وَإِنْذَارُهُمْ بِاقْتِرَابِ الْقِيَامَةِ وَبِمَا يَلْقَوْنَهُ حِينَ الْبَعْثِ مِنَ الشَّدَائِدِ.
وَتَذْكِيرُهُمْ بِمَا لَقِيَتْهُ الْأُمَمُ أَمْثَالُهُمْ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا لِتَكْذِيبَهُمْ رُسُلَ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ سيلقون مِثْلَمَا لَقِيَ أُولَئِكَ إِذْ لَيْسُوا خَيْرًا مِنْ كُفَّارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ.
وَإِنْذَارُهُمْ بِقِتَالٍ يُهْزَمُونَ فِيهِ، ثُمَّ لَهُمْ عَذَابُ الْآخِرَةِ وَهُوَ أَشَدُّ.
وَإِعْلَامُهُمْ بِإِحَاطَةِ اللَّهِ عِلْمًا بِأَفْعَالِهِمْ وَأَنَّهُ مُجَازِيهِمْ شَرَّ الْجَزَاءِ وَمُجَازٍ الْمُتَّقِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ. وَإِثْبَاتُ الْبَعْثِ، وَوَصْفُ بَعْضِ أَحْوَالِهِ.
وَفِي خِلَالِ ذَلِكَ تَكْرِيرُ التَّنْوِيهِ بِهَدْيِ الْقُرْآن وحكمته.
[1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
مِنْ عَادَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَنْتَهِزَ الْفُرْصَةَ لإعادة الموعظة والتذكير حِينَ يَتَضَاءَلُ تَعَلُّقُ النُّفُوسِ بِالدُّنْيَا، وَتُفَكِّرُ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَتُعِيرُ آذَانَهَا لِدَاعِي الْهُدَى. فَتَتَهَيَّأُ لِقَبُولِ الْحَقِّ فِي مَظَانِّ ذَلِكَ عَلَى تَفَاوُتٍ فِي اسْتِعْدَادِهَا وَكَمْ كَانَ مِثْلُ هَذَا الِانْتِهَازِ سَبَبًا فِي